يحكى أن حمارا كان في عقاله ......

يحكى أن حمارا كان في عقاله يقتات من حائط صاحبه  المسيج .. وحين رفع رأسه رأى حائطا اخر اجمل من حائط صاحبه .. العشب فيه اوفر و ألذ .. فاغتم و حزن وعادت لذة العشب الحاضر في فمه على غير ما كانت قبل ان يرى البستان الثاني .. امتنع عن الاكل و بدأت منه المحاولات من اجل ان يتنصل من عقاله اولا ثم ان يجد له ترعة في السياج ثانيا ..وما اتعسنا و نحن نحاول ان نحقق احلامنا – كيفما اتفق – والتعاسة هنا تاخذ واحدا من بعدين اثنين : اما الاول هو ان يتوالى تحقيق احلامنا المنبثقة عن الاغراء و الاستغراق فيها بيسر يسير و هذا ما يسمى بالاملاء الذي ياتي بعده القسم الا ان يعفو العزيز الجبار ... اما الثاني فيتمثل في امتناع تحقيق احلامنا و تعذرها .. هذه اهون من الاولى لان الانفكاك عنها ايسر و اسهل .. غير ان عدم الاهتداء و الاتعاظ قد يسبب حزنا و غما ممتدا تكون له الاثار البالغة على الاستمرار في التعامل مع مدلهمات الحياة .... نعود الى حمارنا الحزين و الذي استطاع ان ينضم الى الفريق الاول حيث استطاع ان ينفك من عقاله و يجد له منفذا الى الحقل الثاني حيث العشب الوفير و العيش اليسير .. كان الحمار ينظر الى عقاله نظرة السجين الى حديد الابواب .. لازمه العقال زمنا طويلا .. كلما اخرجه سيده من الاصطبل الا وقيده و اوثقه رباطه .. بالنسبة له فان العقال حرمان و اسر و بالنسبة لسيده حماية و حصن و انا للحمار ان يفهم هذا ... رتع في الحقل الثاني ثم رفع رأسه ثانية .. فاذا بحائط اجمل و ابهى و اوفر عشبا و انقى .. تسلل اليه ايضا و قبل ان يقضم حزمة عشب رأى حقلا اخر لا يضاهى .. و بقي يتنقل بين الحقول و البساتين حتى ادرك اخيرا انه فعلا حمار وقرر الا يغادر الحقل هناك حيث تجلى كأنه جنة من جنان الخلد .. و حين دخله وجد عقاله. 

Commentaires

Articles les plus consultés