طائر جميل يأكل من سمكة نافقة
أصبح عقله مسرحا لكثير من الأسئلة المتناقضة .. لا يرى الا و انزعاجه في ازدياد مستمر .. خرج من البيت ليس له قصد محدد .. اراد ألا يخالط أحدا ..توجه نحو النهر الصغير عله يخفف عنه بعضا مما يقلقه .. وجلس ينظر الى صفحة الماء الجميلة وما ينعكس عليها من ألوان مختلفة ... غير أن ما يزعجه و يقض مضجعه أكبر بكثير من أن تلطفه مشاهد النهر و الماء و الانعكاس .. فجأة لفت انتباهه منظر أخذ بكل اهتمامه : طائر في غاية الجمال و المرح يرسل زقزقة تبعث في النفس فسحة من بهجة .. سحره المنظر ولم يعد يهتم بغير منظر الطائر الجميل .. بعدما ملأ عينيه من روعة الطائر بدأ يهتم بتفاصيل حركته وخفة التفاته ..أراد أن يقترب غير أن الطائر هرب ولم يعد له وجود .. اغتم الشاب لذلك واقترب من المكان الذي كان يقف فيه الطائر .. فوجد أنه كان يقتات على بقايا سمكة نفقت .. فجأة أصابته رعشة قوية .. مرة أخرى سمع زقزقة الطائر .. نظر فاذا به هناك ينتظر منه أن ينصرف ليكمل وجبته ..بدأ يتراجع ببطء و يلتفت يمينا ويسارا و كأن أمرا هائلا ملأ عليه كيانه ... و كأنما جوابا شافيا بدأ يلوح في الأفق يخلصه من كل التناقضات التي أزعجته في السابق .. ..
الفطرة السليمة في الانسان لا تحب أن ترى النقائص و الاعطاب .. لا تقبل بالجوع و الظلم .. لا تقبل بالعجز و المرض ..... الا أن الجمال الذي يملأ الدنيا لا يستقيم الا بوجود ما يناقضه ... ليس هناك احساس بالصحة لولا المرض ولا بالكمال لولا الاعطاب ولا بالحياة لولا الموت ... ولا بالشباب لولا الهرم .. نعم ان كل ما يبدو لك سيئا به تستقيم الحياة ولولا بقايا السمكة النافقة ما أخرجت الدنيا طائرا كالذي رأيت.
Commentaires
Enregistrer un commentaire