فمن فقد قيم المبادئ والرجولة معا هو كمن فقد القلب والعقل والبصر في آن واحد وهذا هو حال الفئة الباغية الضالة في الوطن العربي والتي تحكم اليوم بالحديد والنار وتلجم الأفواه وتحبس الأنفاس حفاظا على كرسي الحكم المقام فوق جماجم وجثث الشهداء من أبناء هذه الأمة وتحتمي بالأجنبي لحماية عروشها العنكبوتية مما ساهم بشكل مباشر في تدهور حال الأمة من سيئ الى أسوء حتى تطاولت علينا جحافل المحتلين والطامعين والحاقدين فصدق فينا قول الرسول الكريم محمدا عليه الصلاة والسلام : (( توشك الأمم أن تداعى عليكم من كل أفق كما تداعى الأكلة الى قصعتها ؛ فقال قائل : أمن قلة نحن يومئذ ؟ قال : بل أنتم يومئذ كثير ولكنكم غثاء كغثاء السيل ؛ ولينزعن الله من صدور أعدائكم المهابة منكم وليقذفن في قلوبكم الوهن ؛ فقال قائل : وما الوهن يا رسول الله ؟ قال حب الدنيا وكراهية الموت .)) ؛ فحب الدنيا والرهبة من الموت هما السمتين المميزتين لأشباه الرجال ممن فقدوا قيم المبادئ والرجولة وإنبطحوا ركّعا سجودا لأسيادهم الغزاة المحتلين كما فعل عملاء المنطقة الخضراء في العراق لا همّ لهم سوى البقاء في سدّة الحكم ولو على حساب الشرف والكرامة والمروؤة والعزّة والأنفة والكبرياء ولا معنى عندهم للقيم والمبادئ والأخلاق فقيمهم العمالة ومبادئهم الخيانة وأخلاقهم الذلّ والمهانة أولائك هم الفئة الضالة التي وجب إستئصالها من تربة هذا الوطن الجريح من خلال التمسّك بقيم المبادئ والحفاظ على قيم الرجولة المتجسدة في الوقوف بوجه الباطل وقول كلمة الحق ومواجهة الظلم والقهر والاستعباد والاستعداد للتضحية بالغالي والنفيس من أجل بقاء هذه الأمة واستمرارها ولن يتمّ ذلك ما لم يتوفّر شرط الإيمان بحتمية النصر والثقة في المستقبل والجهاد المستمر ضدّ مظاهر الخنوع والخضوع والركود والصراع المتواصل مع قوى البغي والعدوان والسعي الدائم الى إعلاء كلمة الحق ورفع راية الحرية وبهذا تلتحم قيم المبادئ بقيم الرجولة لتبشّر بولادة جيل حي فاعل خلاق تكون حياته (( خطا واضحا مستقيما لا فرق بين باطنها وظاهرها ولا تناقض بين يومها وأمسها فلا يقال عن أحدهم نعم ... إنه سارق ولكنه يخدم وطنه ؛ ولا يقودون في الصباح مظاهرة ويأكلون في المساء على مائدة الظالمين ؛ الصلابة في الرأي صفة من أجلّ صفاتهم فلا يقبلون في العقيدة هوادة ولا يعرفون المسايرة ؛ فإذا رأوا الحق في جهة عادوا من أجله الجهات الأخرى وبدلا من أن يسعوا لإرضاء كل الناس أغضبوا كل من يعتقدون بخطئه وفساده ؛ إنهم قساة على أنفسهم قساة على غيرهم إذا إكتشفوا في فكرهم خطأ رجعوا عنه غير هيابين ولا خجلين لأن غايتهم الحقيقة لا أنفسهم ...)) .ذلك هو جيل القيم والمبادئ والشهامة والرجولة في أعمق وأصفى وأدقّ معانيها وفاقدي المبادئ والرجولة في هذا الزمن العربي الرديء ولكنهم خيّروا الموت بشرف وكرامة وعزّ على الحياة الذليلة تمثّلا لقول الشاعر عنترة بن شداد :
لا تسقني ماء الحياة بذلة بل فأسقني بالعز كأس الحنضل
لا تسقني ماء الحياة بذلة بل فأسقني بالعز كأس الحنضل
Commentaires
Enregistrer un commentaire