البنوك المركزية العالمية تستعبد شعوب الارض

ن فهم هذا الامر يعد حيويا و مهما جدا بالنسبة للشعوب في دول العالم الثالث, لان هنالك عملية نهب دولية تحصل ليس بسبب الاشرار و المتآمرين بالدرجة الاولى بل بسبب بنية و اليات النظام الراسمالي واقتصاد السوق نفسه. و اذا لم نفهم ذلك فاننا سنواصل في بلداننا طقوس الجهل التي يتسم بها الكثير من دعاة الاصلاح و السياسيين في بلداننا بامتياز ويروجون له و لن نستطيع رؤية مشاكلنا الحقيقية و جذور الفقر المتزايد في بلداننا.
لقد تحدثنا سابقا عن وثيقة الاليات الحديثة للنقود التي صدرت عن البنك المركزي الامريكي عام 1971 نرجو ان تعودوا الى وثائقنا السابقة لفهمها. هذه الوثيقة و فهم اليات عمل النظام المصرفي العالمي يعد من اهم الامور التي يتوجب تناولها بعمق لمن يريد ان يتقصى حقيقة ما يجري في عالمنا. و باختصار فان هذه التشريعات التي اصبحت مقررات دولية للنظام البنكي و المصرفي العالمي خولت البنوك صلاحيات طبع النقود بدون غطاء. مع تحول الدولار و فيما بعد اليورو بالدرجة الثانية الى العملة الرسمية في التجارة الدولية ظهر تشويه منقطع النظير في اقتصاديات الدول النامية و هي الدول التي اصبحت اصلا نامية بسبب تدفق الدولار المطبوع عليها. اصبح البنك الاحتياطي الفيدرالي الامريكي يضخ النقود في حسابات الشركات الكبرى لشراء البضائع من هذه الدول او الاستثمار فيها و يمنح الديون للحكومة الامريكية لتمويل نفقاتها الداخلية و تحريكها للاسواق الداخلية و زيادة الاستهلاك المحلي. فنشأت صناعة ضخمة في البلدان النامية تنتج البضائع ليس لاسواقها بل لتسويقها في اوروبا و امريكا. هذه الصناعة الناشئة تعتمد على التصدير فقط و لا تستطيع ان تعيش على اسواقها الداخلية, بسبب تدني مستويات المعيشة و فقر سكانها. و كلما اوغلت دول العملة الصعبة الدولار و فيما بعد اليورو في طبع النقود انخفضت قيمة عملتها مما اضطر الدول في العالم الثالث الى خفض قيمة عملاتها هي الاخرى لاجل المحافظة على قدرتها التنافسية في الاسواق الامريكية و الاوروبية و هي الظاهرة التي اشتهرت بحرب خفض العملات. و التي لم تكن في الحقيقة سوى حرب على المليارات من البشر الفقراء و المعدمين خصوصا في العالم الثالث. و كلما ازدادت هذه المجتمعات فقرا ازداد اعتمادها على اسواق العالم الغني. فاصبحت الصورة النهائية كما هي عليها اليوم فان الدول الغنية تمتلك منتجات الدول الفقيرة و لدى مواطنيها قدرة شرائية عالية اما الدول الفقيرة فان الحكومة و اصحاب الشركات فيها يمتلكون العملة الصعبة الدولار و اليورو بينما يعيش مواطنيها في ثكنات حقيرة للعمل في بؤس و فاقة .

Commentaires

Articles les plus consultés