مسكين هو إنسان اليوم
مسكين هو إنسان اليوم! فمن جهة انه أغنى إنسان عرفه التاريخ. فهو يعيش ضمن عالم ألكتروني كثرت فيه وسائط المخابرات والاتصالات، فهو يستطيع أن يتكلم مع غزاة القمر وكأنهم على سطح الأرض. صار يطير بسرعة الصوت وينتقل من قارة إلى قارة وكأنه على بساط الريح.
ان برد جو ه فهو يقدر أن يدفىء محيطه ليعيش بكل راحة، وان ارتفعت درجة الحرارة فإنه يلجأ إلى مكيفات الهواء التي تحول الجو المحيط به إلى مناخ الجبال المنعش. من يستطيع أن يعدد في برهة من الزمن جميع امكاناًت الإنسان المعاصر؟
مسكين هو إنسان اليوم! فمن جهة انه أغنى إنسان عرفه التاريخ، ولكن من جهة أخرى انه إنسان حائر، تائه، لا يعرف من هو ولا إلى أين يسير. صار الإنسان يعد نفسه مغتربا ولولم يترك مسقط رأسه وما أكثر المفردات التي يلجأ اليها في وصف هجرته الروحية! انه لا يعرف السلام مع محيطه وهو يحلم بخلق كل شيء من جديد لعله ينجح في اكتشاف السعادة المنشودة.
لم أقدر الامتناع عن التفكير بما تقدم بعد انتهائي من مطالعة مقال كتب منذ مدة غير بعيدة بخصوص وفاة أحد الكتاب الروائيين العالميين. فقد ذكر صاحب المقال (الذي ظهر في مجلة أسبوعية عربية). بأن أحد الفلاسفة المعاصرين أنكر على الكاتب الروائي الراحل مقدرته الفنية وذلك لأن الكاتب المذكور كان حتى يوم وفاته من المؤمنين بالله ومن الذين لم يستحوا بإيمانهم هذا بل جاهروا به وسمحوا له بأن يكون قائدهم ودليلهم في جميع منتجاتهم الأدبية والفنية. وقد علق صاحب المقال على الفيلسوف المعاصر الذي كان قد صرح بأن الراحل لم يكن فنانا، كتب صاحب المقال ما يلي :
" ربما، إذا كان الفن هو تلك المهارة في افراغ الكون من الحياة حتى تحويله إلى صحراء واعادة خلق الكائنات عليه وايهامنا بتحريرها من كل استعباد مسبق وتركها تصنع صيرورتها بحرية مطلقة. (من الدستور ملحق النهار 6 ايلول 1970).
Commentaires
Enregistrer un commentaire