أيتها النفس الطيبة، كانت في الجسد الطيب، اخرجي حميدة، وأبشري بروح وريحان
شدة الموت:
إن الموت له شدة، وله رهبة، وله ألم شديد، وهذا معنى السكرات، سكرات تسكر من الألم، وقد جاء في سنة النبي صلى الله عليه وسلم عدداً من الأحاديث في وصف حال المحتضر، ولحظة خروج الروح:
فعن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (الميت تحضره الملائكة، فإذا كان الرجل صالحاً قالوا: اخرجي أيتها النفس الطيبة، كانت في الجسد الطيبة، اخرجي حميدة، وأبشري بروح وريحان، ورب غير غضبان، فما يزال يقال لها ذلك حتى تخرج) إذن الكلام بالبشارة مستمر طيلة خروج الروح، من وقت ابتداء خروج الروح إلى الانتهاء والبشارة تعمل من الملائكة، (أيتها النفس الطيبة، كانت في الجسد الطيب، اخرجي حميدة، وأبشري بروح وريحان، ورب غير غضبان)، (وإذا كان الرجل السوء)، والحديث صحيح أخرجه أحمد وابن ماجة، (وإذا كان الرجل السوء قال: اخرجي أيتها النفس الخبيثة، كانت في الجسد الخبيث، اخرجي ذميمة، وأبشري بحميم وغساق، وَآخَرُ مِن شَكْلِهِ أَزْوَاجٌسورة ص:58،فلا يزال يقال لها ذلك حتى تخرج) ، تبشر بألوان العذاب، وَآخَرُ مِن شَكْلِهِسورة ص:58.
وكذلك فقد ثبت في السنة أن العبد المؤمن يستبشر عند نزول الموت، ولذلك جاء في الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "(من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه، ومن كره لقاء الله كره الله لقاءه)، قال: فأكب القوم يبكون، فقال: (ما يبكيكم؟)فقالوا: إنا نكره الموت" فمعنى ذلك: أننا لا ندخل في هذا، "قال: (ليس ذلك)" ليس هو الذي تقولون، "(ولكنه إذا حضر)" يعني: كل واحد يكره الموت وليس عيباً كراهية الموت، لكن إذا حضر الموت المؤمن فرح، "(لكنه إذا حضر، فَأَمَّا إِن كَانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ * فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ وَجَنَّةُ نَعِيمٍسورة الواقعة:89-88، فإذا بشر بذلك أحب لقاء الله، والله للقائه أحب، وَأَمَّا إِن كَانَ مِنَ الْمُكَذِّبِينَ الضَّالِّينَ * فَنُزُلٌ مِّنْ حَمِيمٍسورة الواقعة:92-93،يكره لقاء الله، والله للقائه أكره)".
"ولما نزل الموت بالنبي صلى الله عليه وسلم جعل يدخل يده في الإناء، ثم يمسح وجهه ويقول: (اللهم أعني على سكرات الموت)"، وَجَاءتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّسورة ق:19السكرة شدة الموت الذاهبة بالعقل، وقوله: (اللهم أعني على غمرات الموت) أعني: أعني على دفعها، وسكرات الموت وغمراته هي شدائده، وهي التي تكون عنده، ولا تنافي بين نزول الشدائد في أول الموت، وبين الفرح الذي يكون عند خروج الروح، فإنه يشدد عليه عند الاحتضار لتكفير الخطايا، ثم بعد ذلك إذا بدأ خروج الروح جاءت البشارات من الملائكة؛ ولذلك: "إذا شخص البصر، وحشرج الصدر، واقشعر الجلد، وتشنجت الأصابع، فعند ذلك من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه، ومن كره لقاء الله كره الله لقاءه" هكذا قالت عائشة رضي الله تعالى عنها في شرح الحديث، إذاً عند ارتفاع الأجفان إلى فوق، وتحديد النظر والحشرجة، وهي الصوت الذي يتردد في النفس في الصدر عند خروج الروح، وتشنج الأصابع -يعني: قبض الأصابع-، فعند ذلك للمؤمن بشارات وفرح عظيم.
Commentaires
Enregistrer un commentaire