حَتَّىَ إِذَا جَاء أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا

قال الله تعالى: حَتَّىَ إِذَا جَاء أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَاأي: احتُضر وحان أجله، جاءت رسلنا ملائكة الله الموكلين بذلك، قال ابن عباس وغير واحد: "لملك الموت أعوان من الملائكة يخرجون الروح من الجسد، فيقبضها ملك الموت إذا انتهت إلى الحلقوم" وَهُمْ لاَ يُفَرِّطُونَسورة الأنعام:61أي: في حفظ روح المتوفى، بل يحفظونها، وينزلونها حيث شاء الله عز وجل، إن كان من الأبرار ففي عليين، وإن كان من الفجار ففي سجين، وقال الله تعالى: وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللّهِ كَذِبًا أَوْ قَالَ أُوْحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ وَمَن قَالَ سَأُنزِلُ مِثْلَ مَا أَنَزلَ اللّهُ وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلآئِكَةُ بَاسِطُواْ أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُواْ أَنفُسَكُمُإنها لحظة هائلة، أَخْرِجُواْ أَنفُسَكُمُ أمر من الملائكة، أخرج نفسك، أخرج روحك، وَالْمَلآئِكَةُ بَاسِطُواْ أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُواْ أَنفُسَكُمُ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللّهِ غَيْرَ الْحَقِّ وَكُنتُمْ عَنْ آيَاتِهِ تَسْتَكْبِرُونَسورة الأنعام:93.
قال ابن كثير رحمه الله: وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِسورة الأنعام:93أي: في سكراته وغمراته وكرباته، وَالْمَلآئِكَةُ بَاسِطُواْ أَيْدِيهِمْسورة الأنعام:93أي: بالضرب، الملائكة تبسط أيديها بالضرب، اسمعوا يا عباد الله، الملائكة تبسط أيديها بالضرب؛ ولهذا قال الله: وَالْمَلآئِكَةُ بَاسِطُواْ أَيْدِيهِمْأي: بالضرب لهم حتى تخرج أنفسهم من أجسادهم؛ ولهذا يقولون لهم: أَخْرِجُواْ أَنفُسَكُمُفلماذا تضربهم الملائكة؟ ما هي العلة من وراء هذا الضرب؟ قال رحمه الله: "وذلك أن الكافر إذا احتضر بشَّرته الملائكة بالعذاب والنكال، والأغلال والسلاسل، والجحيم والحميم، وغضب الرحمن الرحيم، فتتفرق روحه في جسده"؛ من ذعره وخوفه، من هول المنظر الذي رآه، منظر ملائكة العذاب، ثم هذه البشارة الشنيعة بهذه الألوان من العذاب تتفرق روحه في جسده، وتعصى، وتأبى الخروج، الروح تستعصي، وتأبى الخروج؛ لأنها تعرف إلى أين ستخرج، منظر فظيع، منظر ملائكة العذاب وحده يكفي، ثم البشارة بأنواع العذاب تستعصي الروح عن الخروج، وتتفرق في الجسد، فتضربهم الملائكة حتى تخرج أرواحهم من أجسادهم رغماً عنهم قائلين لهم: أَخْرِجُواْ أَنفُسَكُمُ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِأي: اليوم تهانون غاية الإهانة كما كنتم تكذبون على الله، وتستكبرون عن اتباع آياته، والانقياد لرسله.

Commentaires

Articles les plus consultés