فرق بين احتضارين

فرق بين احتضارين:
عباد الله، لقد أخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم بما سيكون عند الموت من الأهوال المتعددة، وجاء في حديث البراء بن عازب، وهو حديث طويل عن النبي صلى الله عليه وسلم نقتصر منه على ما يتعلق بهذا الموضوع، فإنه عليه الصلاة والسلام ذكر: بأن العبد المؤمن إذا حضره الموت (إذا كان في انقطاع من الدنيا، وإقبال من الآخرة، نزل إليه ملائكة من السماء بيض الوجوه، كأن وجوههم الشمس، معهم كفن من أكفان الجنة، وحنوط من حنوط الجنة، حتى يجلسوا منه مد البصر، ثم يجيء ملك الموت عليه السلام حتى يجلس عند رأسه، فيقول: أيتها النفس الطيبة -وفي رواية: المطمئنة- اخرجي إلى مغفرة من الله ورضوان)، قال:(فتخرج تسيل كما تسيل القطرة من في السقاء) القطرة في الإناء كأس من الزجاج إذا أملته وفيه قطرة كيف تنزلق على جدران الإناء؟ هكذا تخرج روح المؤمن من جسده، (فيأخذها حتى إذا خرجت روحه صلى عليه كل ملك بين السماء والأرض، وكل ملك في السماء) آلاف الملايين من الملائكة تصلي على المؤمن عند خروج روحه، يعني: تدعو له، (وفتحت له أبواب السماء، ليس من أهل باب إلا وهم يدعون الله أن يعرج بروحه من قبلهم، فإذا أخذها لم يدَعُوها في يده طرفة عين حتى يأخذوها) أي: ملائكة الرحمة، (فيجعلوها في ذلك الكفن، وفي ذلك الحنوط، فذلك قوله تعالى: تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لاَ يُفَرِّطُونَسورة الأنعام:61،ويخرج منها كأطيب نفحة مسك وجدت على وجه الأرض)، وساق الحديث، إلى أن قال في الرجل الفاجر قال: (وإن العبد الكافر -وفي رواية: الفاجر- إذا كان في انقطاع من الدنيا، وإقبال من الآخرة نزل إليه من السماء ملائكة غلاظ شداد، سود الوجوه، معهم المسوح من النار) يعني: الملابس من جهنم مفصلة لهذا الفاجر، (فيجلسون منه مد البصر)، ولذلك يكون المنظر مفجع؛ لأنه يرى كل ما أمامه، مد البصر ملائكة عذاب، هناك ملائكة عذاب ينتظرون متلهفين لعذابه الذي كلفهم الله به، (ثم يجيء ملك الموت)انظر إلى المشهد كيف يصفه النبي عليه الصلاة والسلام؟! مشهد مروع! أولاً تنزل الملائكة ملائكة العذاب بهذا المنظر الفظيع، تحيط به من كل جانب، وإلى مد البصر، وليس واحد أو اثنان، إذا تجهزوا بهذه الملابس من جهنم، والميت يرى كل هذا أمامه، جاء ملك الموت، ملك الموت أفظع منظراً وأبشع، (حتى يجلس عند رأسه، فيقول: أيتها النفس الخبيثة، اخرجي إلى سخط من الله وغضب، قال: فتفرق في جسده، فينزعها كما ينتزع السفود من الصوف المبلول) هات سيخ شواء بقي عليه لحم ناشق، بقايا عليه لاصقة به، ولف عليه صوفاً مبلولاً، ثم اسحبه بقوة، وانظر إلى كم شعبة يتشعب هذا الصوف، وينشق بعضه من بعض، (فينتزعها كما يُنتزع السفود من الصوف المبلول)؛ لأن الروح تستعصي من العذاب الذي تراه أمامها، تستعصي على الخروج، فتقوم الملائكة بضربه من الأمام والخلف، ويسحب الملك هذه الروح، هذه السحبة قال: (فتقطع معها العروق والعصب) مع هذه السحبة تقطع العروق والعصب، (فيلعنه كل ملك بين السماء والأرض، وكل ملك في السماء) آلاف الملايين من الملائكة تلعنه عند خروج روحه،(وتغلق أبواب السماء، ليس من أهل باب وهم يدعون الله إلا ويدعون الله ألا تعرج روحه من قبلهم، فإذا أخذها ملك الموت لم يدعوها في يده طرفة عين حتى يجعلوها في تلك المسوح، ويخرج منها كأنتن ريح جيفة وجدت على وجه الأرض) .
هذا الكلام كله -أيها الإخوة- يحدث ونحن لا نراه، ولا نشعر به، كله يحدث حتى لو أصيب بسكتة مفاجئة، ومات أمامنا في لحظة، لكن كل هذه الآلام، وهذه المشاهد موجودة حاضرة يقينية؛ لأننا أخبرنا عنها بالوحي من عالم الغيب أنباء قصها الله علينا، قصها الله علينا لنعتبر.

Commentaires

Articles les plus consultés