انها داعش تنفث الدخان من انفها
كان هناك في مكان ما فوق الأرض قرية صغيرة
تعيش في أمان ..كان كبيرها رجل دكي يتخاصم لديه سكانها فيقضي بينهم .. ويقبل الكل
بقضائه....فجأة .. تكاثر سكان القرية بشكل سريع ..وتزايدت الخصومات .. وبدأ التذمر
يتزايد في القرية تجاه كبيرها الذي بدأ
يتوجس من فقدان مكانته ... فجأة حدث أمر غريب ..ليلة الأمس سمع سكان القرية جلبة و
ضوضاء ..قاموا من نومهم على إثرها فوجدوا
جانبا كبيرا من القرية يحترق .. هرعوا إلى المياه بشكل جماعي وتكاثفوا في العمل
حتى أطفئوا النيران المشتعلة .. لقد كانت الخسائر كبيرة .. اجتمعت القرية على
الفور .. وقام كبيرهم فيهم خطيبا : إنها
مؤامرة ..انه عمل جبان.. ولن يستقر لنا قرار حتى نأتي بالفاعل ونجلده حتى الموت ..
تسائل بعضهم : من قد يكون الفاعل؟ قال آخر: لعله من خارج القرية .. قال الكبير : إن
اقرب قرية إلينا توجد على مسافات هائلة .. قال آخر: لقد كنت أقرب أهل القرية إلى
مكان الحادث و إني رأيت – اعذروني - شبحا
أو غولا أو تنينا أو ما شابه يسرع نحو الغابة واختفى بين أشجارها..ارتعد الناس
للخبر وامسك كل واحد منهم بمن يليه وقد كانت السماء ممطرة والليل حالك السواد
..قال كبيرهم : هدئوا من روعكم ..هدا لن
يخيفنا .. يبدوا آن كلام صاحبنا صحيحا ..لأنه كما ترون لا يلي قريتنا من كل الجهات
إلا الصحاري العارية و المكان الوحيد الذي قد يلجا إليه الفاعل هو جهة الشمال حيث
الغابة الوحيدة التي يمكن أن يختفي فيها الجاني أيا كانت هيئته ..عودوا إلى بيوتكم
وسأعين من يحرسكم من جهة الشمال ..دب الاطمئنان في نفوس الأهالي وعادوا إلى
منازلهم وحديث الغول أو التنين أو الشبح يملأ عليهم خيالهم....جاء الصباح وكل
الأنظار متجهة نحو الغابة الكثيفة...
ينتظرون ما يقصه عليهم الحراس ..عاد الحراس بعد شروق الشمس وبدؤوا بسرد
حكايات غريبة عن مطاردة وحش غريب له تسعة رؤوس ..ينفث النار من انفه ويختفي كما
يختفي البرق .. لقد تملك الأهالي الرعب وبلغ منهم الخوف مبالغ كبيرة ..وحراس الليل
لا يأتون إلا بالقصص المرعبة و المغامرات الخطيرة ...استمر الحال أياما وشهورا
وأعواما..وأهل القرية لا يتحركون ولا يسكنون و لا يتعاملون إلا بمنطق التنين الذي
ينفث النار من انفه.... وبين الفينة و الأخرى يختطف رجالا من القرية فلا يعثرون
لهم على اثر بعد ذلك ..لم تعد القرية كما كانت في سالف الزمن ..أصبحت لا تأمن على
قوتها ولا على رجالها بعدما زادت التكاليف التي يفرضها الحاكم من اجل حراستها و القضاء على
الخطر الداهم الذي يحدق بها ..كان الحراس يمنعون أهالي القرية من الاقتراب من
الغابة الكثيفة حرصا على سلامتهم.... فقرر رجل من القرية غريب الأطوار..هادئ الطبع
لا يشترك في اجتماعات أهل القرية ولا يعترض على حاكمها ..قرر ذات ليلة أن يخدع
الحراس و يتسلل إلى الغابة الكثيفة على غفلة من حراسها اختفى الرجل في الغابة
أياما طويلة.. ثم عاد إلى القرية مدعيا انه كان مسافرا عند أهل له في قرية كدا .. بدا
يجتمع ببعض عقلاء الأهالي ليخبرهم سرا أن التنين ما هو إلا أكذوبة أبدعها الحاكم لمآربه
الخاصة .. والحراس الذين انتخبهم بنفسه مجموعة من المرتزقة و المتآمرين على الأهالي
.... لم يصدقه احد ..اخبرهم أن غيبته كانت في الغابة ليطلع على مكر الحاكم ... لم
يصدقه احد.. وصل الخبر إلى الحاكم ..أمر باعتقاله ومحاكمته على الملأ ..صرخ في
وجوه الناس و هو يحاكم : أفيقوا أيها الناس ..ليس هناك تنين ولا وحش و لا شبح انه الحاكم .. فجاءت الشتائم من جهة ..عميل ..
خائن ... عدو.. ........نعم أيها السادة إنها قابلية الاستعباد المفطورة في قلب
الإنسان ليتعبد بها لرب السماوات و الأرض ..فأبى إلا أن يهبها للمخلوق بدل الخالق
سبحانه وتعالى ..فعاش الخوف و الجبن و الانبطاح لأرذل خلق الله ولم تعتد نفسه
العزة و الإباء والتي لا توجد إلا بجانب رب الأرض و السماء.
Commentaires
Enregistrer un commentaire