لغتك لغة الكون قاطبة و جوهر دينك بالقرآن يكتسب

اجهزة الاستقبال ألفطرية..

     لا نجد في القران الكريم على الاطلاق  العبارة التالية :  تعالى الله احسن الفاطرين .. مع العلم أنه هو فاطر السماوات والأرض... في حين ان كثيرا من الايات نجد فيها :  احسن الخالقين .. ما السر في ذلك ؟؟

      اذا تتبعنا القران الكريم نجد ان فعل "خلق" دائما يتبع ب "من" – بكسر الميم- .. خلق الانسان من علق .. اخلق لكم من الطين .. اما فعل فطر فهو لا يتبع على الاطلاق ب " من " ... فاطر السماوات و الارض .. فطرة الله التي فطر الناس عليها.... ومنها الفطر ...ذلك النبات الذي ليس له بذور و كانه ياتي من العدم .. هذه تسمية الانسان ..فالفطر لا ياتي من العدم و لكن المثال يقربنا بعض الشيئ من فهم المسالة ..

     فالاية الكريمة " خلق الانسان من علق " تعطينا مفهوما رائعا لحقيقة الوجود البشري على الارض و الذي بني في الاساس على مفهوم" السببية "  "من"- بكسر الميم- هي التي تأسس لقضية التكليف البشري فوق هذه البسيطة.... هذا المفهوم لا يقوم الا على اساس الارتباط الحتمي بين النتيجة و السبب ...

      الله خالق... و الله فاطر ....الانسان يشترك فعلا مع الله سبحانه في مسالة الخلق بعد ان تلازمه هذه العجيبة "من" فالانسان يخلق من الحديد آلات لا تحصى و هكذا ..من اجل ذلك قال الله عز و جل : تبارك الله احسن الخالقين..فهناك "خالقون" والله احسنهم .. غير ان صفة الفاطر ..فلا يشترك معه فيها احد على الاطلاق ...ففعل "فطر " يعني بكل بساطة " خلق من عدم" ..فالفطرة قد تطمر و قد تشوه وقد تنحرف غير انها تحافظ و في كل الاحوال على جوهرها القابل على الدوام ان يعود لشكله الاصلي ويتخذ الصفات الاصلية التي تمتع بها في اول الخلق ...

     الفطرة مبثوثة في كيان الانسان .. تتشكل منها اجهزة سماها سيد قطب " اجهزة الاستقبال الفطرية "   طبيعتها ان تتفاعل مع ما تلتقطه من ارساليات مصدرها اجهزة الارسال الكونية... ..التفاعل الايجابي بين هاتين الاجهزتين هو ما يدمج الانسان ضمن نسق كوني غاية في الدقة و النظام .. في اطاره تتكامل العناصر وتتحد القوى وتتناغم الوظائف ..فيتولد عن ذلك هذه الجمالية المعجزة والتي تتمظهر تحت عناوين شتى  مثل زهرة رائعة الجمال تحوم حولها نحلة غاية في الاعجاز في صباح مشرق صاف جميل تتسلل خيوط شمسه بين اغصان اشجار الارز الشاهقة ...هذا المشهد نتج عن مشهد اخر لا يقل روعة وجمالا ...مشهد البروق و الرعود و السيول و الرياح العاتية ....انه الجمال ايها السادة يتخذ اشكالا عديدة و متنوعة  قد تبدو متناقضة غير انها متكاملة بشكل معجز تتنوع وتتشكل حتى لا تورث الروح مللا للحديث بقية ما بقي هناك نفس .. السلام عليكم.