اين ولدك

اين ولدك

أصبحت معضلة المعضلات اليوم علاقة الاباء بالابناء .. فلا تجد الا شاكيا باكيا من سوء ما وصلت اليه هذه العلاقة .. وفي المؤسسات التعليمية اصبح التلميذ في مرمى كل البنادق و المدافع .. ساءت الاخلاق و انتفى الاهتمام بالمستقبل .. هكذا يقول الاستاذ كما اهل الادارة و هلم جرا … اين موضع هذا الكلام من اعراب العقلاء و المربين ؟ قضيت 17 سنة على ارتباط وثيق بالتلاميذ و الادارة و رأيت خلال هذه السنوات الطوال العجب العجاب فيما تعلق بالعلاقة بين التلميذ من جهة و الادارة و الاستاذ من جهة ثانية .. كنت دائم الحضور فيما يسمى بالمجالس التأديبية  .. وقد خرجت بانطباع سيئ للغاية … شعرت طيلة هذه السنوات بتواطء قبيح بين الاستاذ و الادارة و الضحية دائما هو التلميذ .. شعرت أن كل تلك الاجراءات التي تتخذ ضد التلميذ لم تكن في يوم من الايام وسيلة للتربية بل طريقة للانتقام من كائن يعيش في غالب الاحيان — و بالنظر الى الاوساط الجرسيفية التي يغلب عليها الفقر — حالة مزرية من الحرمان .. و في غياب من يحنو و يتفهم الاوضاع المزرية لهؤلاء الشباب منضافا اليها سن المراهقة الممزوج بالفقر و الضياع .. حدث عن الهدر المدرسي و الحوادث و افواج العاطلين  و المخدرات و الانحراف ….
في اطار التكوينات التي تقدمها النيابة للمديرين و الحراس العامين الجدد أقوم بتقديم عروض لهؤلاء حول المراهقة و ما يستتبعها من مسؤوليات المربين .. و في كل سنة اطرح سؤالا يربك هؤلاء الاداريين الجدد : حينما يقوم استاذ ما بتقديم تقرير للادارة يطالب فيه باخضاع تلميذ للمجلس التاديبي .. هل يكون قصد الاستاذ تربية هذا التلميذ أم الانتقام منه فحسب ؟ واجزم لكم ان كل الاجابات و في كل سنة تكون : الدافع هو الانتقام و ليست التربية .. هؤلاء الذين يجيبون عن السؤال كانوا في السنة الماضية فقط اساتذة .. فهم يشهدون على أنفسهم .. وحدثني احدهم يعرض تجربته و التي استمرت لسنتين في سلطنة عمان .. قال : بمجرد ما دخل الى المؤسسة التي عين فيها لم يجد مكتب الغياب .. و لما سأل عن السبب قيل له انه ليس هناك غياب غير مبرر على الاطلاق .. و من يتغيب من التلاميذ نكون على يقين ان السبب قاهر .. استغرب للامر على اعتبار انه في مؤسساتنا نحن يكون مكتب الغياب هو انشط المكاتب و اشدها حرجا على الاداريين .. و قام ببحث بسيط عن السبب .. و كان الجواب من داخل المؤسسة نفسها حيث فوجئ اثناء انعقاد احد  المجالس داخل المؤسسة بالمدير و الاداريين و الاساتذة كل واحد منهم يصطحب ابنه او ابنته معه لحضور الهذا المجلس و نظر خارج المؤسسة فوجد كل من الاب و الام يصطحبان معهما الابناء و البنات اينما حلا و ارتحلا و خرج بانطباع مفاده ان ابناء سلطنة عمان لا يمرون بمرحلة المراهقة  بل ينتقلون مباشرة من الطفولة الى الرشد .. الطفل عندهم يصل الى مرحلة الرشد مباشرة بعد سن الثانية عشرة … ايها السادة انها المراقبة و الصحبة التي أمرنا بهما رسول الله صلى الله عليه و سلم مباشرة بعد مرحلة الملاعبة و التي تنتهي في سن السابعة .. .. قل لي كيف هي علاقتك و علاقة زوجك بالابناء اقول لك كيف سيكون امرهم و مستقبلهم .. انه ليس التنجيم و لكن الاعتماد على وصية من لا ينطق عن الهوى .. قل لي ما طبيعة علاقتك بابنك .. ان لم تكن اخدا و عطاء في الحوار .. ان لم تكن استشارة و تبادل الافكار .. ان لم تكن احتراما و تثمينا لجميل الادوار .. ان لم يكن منك دعاءا و أكلا للحلال و التماسا لمساعدة الاغيار من ابناء الاخرين المحرومين و الفقراء … ان لم يكن … ان لم يكن … ان لم يكن … فانني اسأل الله جلت قدرته أن يوفق ابناءك كي يعثروا عن المنيب الى الله فقد تعذرت صحبتهم لمن امر الله أن نصحبهم بالمعروف .. وبلغة قد تفهمها اقول لك انك لست كفؤا لتربي ابناءك  حيث قال عز من قائل مخاطبا الابناء الذين تعذرت صحبتهم لآبائهم : .. واتبع سبيل من اناب الي .. ابنك ابنتك ثمرة فؤاد فلا يكن استأثارك بمقهاك و عملك و ضجرك سببا في ترك الثمرة ملقاة على هامش  اهتمامك فما اسرع ما يكون العفن الى الثمار الطرية الطازجة و ما أقسى و أسوء أن ننظر في اخر المطاف الى العفن يلفنا و قد فقدنا القدرة و المبادرة على ازالة العفن و يكون انقطاع العمل من الدنيا حيث تلفت البذرة حين وصل اليها العفن … رحماك يا رب بفلذات أكبادنا .. لنا عودات للموضوع ان شاء الله

Commentaires

Articles les plus consultés