مقامات شويعر اسمه خليد المزحان الجرسيفاني
فيما مضى كنت شويعرا .. بل عابثا بالحروف مبعثرا .. كانت الكلمات تنساب بين أناملي .. كلمات
أقرب الى حديث العوام .. نعم ضمنتها محبتي للرسول الهمام .. وشوقي لعودة الاسلام
.. لازالة النقم و تعميم النعم .. نعم كانت ايام ... عقبتها أعوام و أعوام .. صارت
فيها الكلمات تتضاءل و تتضاءل .. عجز التصفيف تفاقم .. في وقت تراكمت المدلهمات ..
و عرى الله من حكامنا العورات .. في ربيع بدأ مزهرا و تعالت فيه الصيحات كما تعالت
الآمال و الطموحات .. فتكالبت الدنيا .. واهتزت العروش .. و طفحت القروش التي فاضت
بعدما ملئت الكروش .. خرج النفاق للعلن .. وسالت قلوب بالصديد و العفن .. ورغم قرب
اللحد و الكفن .. هيهات .. هيهات أن تسمع قلبا نتن .. تضاءلت كلماتي و حق السميع
.. و أمام نكوص الربيع ... و زحف البرد و الصقيع .. ما حزنت الا للثكلى و الرضيع
.. و للمشرد الذي من شاء يشتري فيه ويبيع .. و ناديت قلبي كما ناداه من كان قبلي
.. يا قلب لا تجزع فالزهر البديع يصغي لضجات العواصف قبل أنغام الربيع .. فهل ما
يزال هناك ربيع ؟ أردت أن أصف حكامنا .. و أنقل للناس حالنا .. فوجدت نفسي أعجز من
عاجز .. و الكلمات بين يدي كما الناشز .. أيعقل أن يبيع الحكام الاوطان والبحار و الانسان ؟ هل نسوا الاكفان ؟ هل نسوا الحشر و الساحة و الميزان و
النيران ؟ ماذا بقي لنا حتى نتشبت
بألاحكام السلطانية .. و التي شرعت للجرائم الطاغوتية .. أين بيضة الاسلام أين عراه المنتقضة الفانية ؟ الحكم بما أنزل الله كان أول ما بدأت به الفئة
الباغية .. تلا ذلك العض و الجبر و القهر
و الفقر و العسر و الكسر و الفجور
فاستبيحت الدثور و شيدت القصور و الدور و كشفت النحور و الاثداء و السيقان و أطلقت
البخور في حضرة المؤيد المنصور .. ونحن الى الهاوية نسير بحبور و سرور .. فانتقضت
الصلاة يا كرام .. وهل بقي بعدها من كلام .. هل بقي لعالم يقتات من بيت السلطان ..
علمه ما عاد يحفز على تحرير الاوطان .. و دحر الطغاة بالسيف و القلم و اللسان ..
بل اكتفى صاحب العلم و البيان .. بالزجر و النهر وتقطيب الجبين و تبييض الاسنان
..بالسواك والا لزمتك الكفارة و الطهارة وتقصير الفستان .. أما قضايا الحكم و
الظلم و الشورى .. فتلك قضايا تغضب السلطان .. و الخروج عليه وكفه عن غيه فتلك من
عمل الشيطان .. ضاع مني البيان .. فتراكمت كلماتي في القلب و الوجدان .. و أبت أن
تنساب على الشفاه و اللسان .. و من تزاحمها ضج مني الكيان .. فاحترق الفؤاد .. و
طفح الرماد .. وعم السواد .. وتعثر الجواد .. بعدها جاء ليل بهيم .. و غاب من
الارض الاديم .. و علا صوت اللئيم .. يصيح بكل ساح : أنا الزعيم .. ظل الليل
أزمانا .. وقد هدت من الدين أركانا .. و أصبح اللؤم دينا .. و الخبث فينا ضاقت به
دنيانا .. .. وفي يوم عليل .. و الزاد قليل .. و السبيل لا سبيل .. طل على الكون
مقدام .. قال كلمة عجزت عنها الانام .. فالقي به في المارستان .. و في السجون و
الحصون .. و الخوف منهم قد أخذ الزمام .. ذاك يا اخوان باختصار شديد مرشدنا عبد
السلام .. عليه منا السلام و المحبة و الوئام .. و عليكم السلام .
Commentaires
Enregistrer un commentaire