أما هذه ..فلكم يا حاشية السوء

حينما ولي هارون الرشيد الملك ... أرسل رسالة الى العالم العارف بالله سفيان بن سعيد الملق بسفيان الثوري ..قال فيها : 

أما بعد من أمير المؤمنين هارون الرشيد الى أخيه في الله سفيان بن سعيد .. السلام عليك و رحمة الله .. فقد علمت أن الله قد قلدني هذه القلادة ولولاها لجئتك و لو حبوا .. ولقد جاءني العلماء فأغدقت لهم الاموال .. فاذا جاءك كتابي هذا فأقبل و السلام ... فجاء رسول هارون بالرسالة و دخل مسجد الكوفة حيث كان سفيان بن سعيد جالسا ينتظر الصلاة .. فلما رآه قال أعوذ بالله وقام للصلاة و لم يكن الوقت وقت صلاة .. وحينما فرغ من الصلاة تقدم اليه رسول هارون و ناوله الرسالة ... فأمسكها بكمه و ناولها أحد تلامذته ليقرأها عليه .. فلما فرغ .. قال سفيان : اقلبوا و اكتبوا على ظهرها .. فقال بعض تلامذته .. يا سيدي انه امير المؤمنين ..هلا كتبت له على بيضاء نقية .. قال : اقلبوا و اكتبوا على ظهرها .. ان كان أخذها بحق تعود اليه و ان كان أخذها بباطل لا تبقى معنا تفسد علينا أمر ديننا ... فقال سفيان بن سعيد : أما بعد من العبد سفيان بن سعيد الى العبد هارون الرشيد الذي سلب حلاوة الايمان و لذة قراءة القرآن وقد أعلمتني و من معي من اخواني انك اغدقت الاموال على العلماء .. فهل رضي بفعلك الفقراء .. هل رضي بفعلك الايتام ..هل رضي بفعلك الارامل .. كيف بك يا هارون اذا جئ بك يوم القيامة و يداك مغلولتان الى عنقك لا يفكهما الا عدلك و انصافك .. فأعد للسؤال جوابه و للجواب صوابه .. واتق الله و احفظ محدا في رعيته .. و اذا جاءك كتابي هذا فاعلم اني لن اجيبك بعده و السلام ...

يحكى ان رسول هارون قد تأثر بالموعظة فمر على السوق و باع لباس العسكر ثم دخل على هارون و ناوله الخطاب .. فلما فرأه قالت حاشية السوء : لقد اجترأ عليك هارون و تطاول عليك ... قال هارون : المغرور من غررتموه بدنياكم و الشقي من جالستموه .. ان سفيان بن سعيد أمة وحده .