بين البناية و المجنون
مررت يوما من أيام الصيف قرب بناء من ستة طوابق ثم نظرت أسفله فاذا فاقد عقل ممدد عار كما ولدته أمه .. علق المشهد في دهني وسلب حبل تفكيري وقتا طويلا .. كنت دائم التساؤل عن موقف المارين من المشهد .. فوجدتهم على صنفين : الصنف الأول ينظر الى البناء فيتهم الله عز و جل أنه لم يكن منصفا في قسمة الأرزاق بين العباد .. و الصنف الثاني ينظر الى فاقد العقل فيقول : الحمد لله الذي عافاني مما ابتلى به كثيرا من خلقه و فضلني على كثير ممن خلق تفضيلا … الصنف الأول عمي أن يرى فاقد العقل .. أما الصنف الثاني فلم يأبه للبناء … أي قوة هاته التي حجبت .. ثم أظهرت .. كيف لنا أن نجعل من مظاهر الكون كلها عونا على بسط الطريق و تبسيطها للعباد .. كيف لنا أن نقنع المترجل الذي اغتم أن مر بجانبه فارس يمتطي جوادا سريعا أن خلفه زاحفا قد أعيته الطريق .. داء الاعتراض على الله أسوء الأسقام .. انه السم الزؤام.
تراكمت لدي مشاهد كثيرة من أثار اليد الحانية .. ولم يعد حديثي الى الناس في بيوت الدعوة المباركة و غيرها من المجالس الا عن الحكمة الالاهية من وراء الافعال الظاهرة .. والحق أقول أن هذه الاحاديث تأخذ بألباب الناس أخذا و تلجمهم الجاما .. فكان أن فكرت كثيرا في استجماع كل ما تراكم في الحويصلة الصغيرة و تصريفه على هيئة مشوقة اخذة بتلابيب الأذهان و القلوب املا في أن تصل الغاية و الحكمة المرجوة من هذا العمل الى القلوب الغافلة أو النائمة أو الباحثة عن يد الله الحانية في ثنايا خلقه و أفعاله .. فكان ان من القدير العليم علي في اتمام كتابة رواية حاولت من خلالها أن ابرز بعضا مما أفاض الله به في ربط أفعال الله في العباد بالحكمة الخفية و التي جعل الله فيها خيرا كثيرا .. و الله أسأل أن يجعل هذا العمل خالصا لوجهه الكريم.
Commentaires
Enregistrer un commentaire