الحياة الطيبة

الحياة الطيبة

أصبحت المرأة، وحرية المرأة، وعمل المرأة، ومظلومية المرأة، رِهاناً في سوق السياسة حيثما برزت الحركة الإسلامية والتف حولها الشعب. الإسلام متهم في هذه السوق بأنه عدوُّ المرأة. بل إن أوَّلَ ما يُذكَر في وسائل الإعلام الغربية المعادية " للتطرف الديني " هو التهديد الذي يشكله " الأصوليون " على مستقبل المرأة. ولعل بعضنا قبل أن ينبريَ للرد والدفاع، وقبل أن يدخل إلى قاعة الجدل، يخلَع عنه ثوب إيمانه بالله وباليوم الآخر ليتكلم عن «المرأة في الإسلام » بمقدمات
منهجية مادية وبوسائل منهجية ليس فيها رائحة الإيمان بالله وباليوم الآخر. فإن كان بعضنا يفعل ذلك تنزلا ليدحض حجة عقلية قانونية بمثلها متجنبا «الغيبيات » التي يخشى أن يمسكه منها الآخر فهي هزيمة وتضييع للدعوة. وإن كان يفعل لغفلة قلبية وسطحية في الدين أو رِقة فهي كارثة. هل غشَّى قلوبَ بعضنا سَخامٌ من عِشرة المظلمةِ قلوبُم؟ أم أن إسلامنا أَمْسَى إديولوجية عصرية متطورة لا مكان فيها لذكر الله واليوم الآخر؟ إن المرأة كالرجل مُنادَيان في القرآن على السواء للعمل الصالح والجزاء الوِفاقِ في الدنيا والآخرة. وإنهما نقطتان تميِّزان مُنطلقنا في الحياة والفكر والسعي عن منطلَق الذين كفروا: الإيمانُ بالله وباليوم الآخر، ثم معنى مرور الإنسان من الدنيا. ومن العبث أن يظن ظان أننا بنزولنا إلى أرضية الماديّين لنقارعهم عليها ننال منهم شيئا. بل نتعرض للانجراف والانحراف. ففي منطقهم الدائر حول الحياة الدنيا، لا يؤمنون بالبعث، تكون اللذة والمتعة و «السعادة » هي المَطلَبَ لا غيرُ، وتكون المرأة والحرية في الزنى بلا حدود، والإجهاض وسائر «المكتسبات » الإباحية هي قمةَ الحضارة. وهذا منطق دوابيٌّ متماسِك. واجب المؤمنين والمؤمنات أن يتحرروا من عقدة السكوت المَهينِ النفاقي عن قول الحق، وأن يتحرروا من الدائرة المغلقة الجدلية التي يفرض علينا بمقتضاها طرْحُهم لقضايا المرأة وكل القضايا شكْلَ الإجابة ومستواها وحدودها.

واجبنا إن كنا نؤمن بالله عز وجل وبمصيرنا إليه أن نبتدئ نحن بإخبار المسلمات والمسلمين بما أنزل رب العالمين. وإن كان في إيماننا باليوم الآخر مَنزَع لتشكيك المشككين فما نحن بالمؤمنين. القرآنُ ﴿فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِين الَّذِينَ يؤُمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ والَّذِينَ يؤُْمِنُونَ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ وَبِالآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ﴾ 1 الإيقان درجة عالية من الإيمان. الإيقان أن تكون الآخرة نصْبَ عينك كأنها رأيَ العين. كيف يُكتسب هذا الإيقان أيها الأحباب؟ كيف يَنْتَسِبُ إلى القرآن وهديه من يغيب عنه ذكر الله ولقاؤه لحظة؟ حتى إذا حصل، والإنسان ينسى، فزِعَ ورجع وتَاب. وعد الله تعالى أيها الأخ وأيتها الأخت الحياة الطيبة من عمل صالحا وهو مؤمن. قال جل شأنه: ﴿مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِّن ذكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ﴾  كونك رجلا أو امرأة ينوِّعُ شكل ابتلائك وامتحانك واختبارك في دار الامتحان هذه الدنيا. لكن جنسك لا يغير من جوهر الجزائية والمصيرية إلى الله عز وجل شيئا. الحياة الطيبةُ جزاءُ المؤمن والمؤمنة هنا إن عملا صالحا وأقاما شرع الله في علاقاتهما. والحياة الطيبة في الجنة هي الجزاء الأوفى الأبقى. يتغير كل شيء في فكر المرأة والرجل وسلوكهما إن آمنا باليوم الآخر. وتنقلب دولتهما النفسية العقلية إن قويَ هذا الإيمان فصار يقينا. ذلك هو السبيل لدحض مغريات الفتنة الإباحية لا الدفاع الفكري المقارِنُ لجزئيات حجاب المسلمة وتعدد الزوجات وسائر ما يَنْقِمُه أعداء الدين على الدين من جراء انتهاك المسلمين لحقوق المرأة بالفعل، أو من جراء التحامُل والهيمنة الثقافية المادية التي تجعل المرأة موضوع الشهوة المباحة، وزبونَةَ صناعات التجميل، ومحور الفن الخلاعي، ومُدِرَّةَ الأموال على صناع اللهو، ودميةَ الرجل.

Commentaires

Articles les plus consultés