الاخوة في الله

ما السبيل إلى الوطن الإيماني المشترك؟ وكيف يتبوأه المسلمون ويستوون فيه؟ إذا ظفرنا بالمنهاج النبوي لهذه المواطنة القلبية فقد ظفرنا بمفتاح أقفال الطبيعة البشرية، وظفرنا بالعلاج الناجع لداء الأمم، وكدنا نبرَأُ من داء الأمم. وأي شتيت من البشر كان أبعد أن يتألف ويتآخى ويكون خير أمة أخرجت للناس من قبائل العرب بمكة والمدينة وجزيرة العرب على عهد البعثة؟ كما بوأهم الله عز وجل الدار والإيمان باستجابتهم لداعيه محمد صلى الله عليه وسلم كذلك يبوئنا نحن الآخِرينَ. إن شاء وهو الملك الوهاب.
المواطنة القلبية الإيمانية بين المسلمين هي أم الخصائص في العمران الأخوي. سَِتُها النفسية السلوكية الإقلاع عن حب الدنيا والتحررُ من العبودية للهوى. وبهذا الإقلاع والتحرر ينقلب موقف المسلم رأسا على عقب من الملِكية الأنانية لمتاع الدنيا، وتنقلب ذهنيته، وينسلخ من عادات المنكر، ومن الشرك بالآلهة التي يعبدُها الإنسان المشرك والغافل من دون الله: الشحِّ والمصلحةِ الخاصةِ والربحِ واللذةِ والمالِ والجاهِ. «الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر » حديث نبوي رواه مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه. «حب الدنيا رأس كل خطيئة، وحبك الشيء يعُْمِي ويُصم ». كلمة للحسن البصري رحمه الله. ومتى خرج المسلم بتوبة انقلابية من سجن الدنيا وحبها أفلت من قبضة سَجّانه وكان كما وصف رسول الله صلى الله عليه وسلم نفسه حين قال: «مالي وللدني ا! ما أنا والدنيا إلا كراكب استظل تحت شجرة ثم راح وتركها .» الحديث أخرجه الترمذي بسند صحيح عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه.

Commentaires

Articles les plus consultés